«فايننشال تايمز»: الصين تسعى لتحقيق الحياد الكربوني رغم العوائق الاقتصادية

«فايننشال تايمز»: الصين تسعى لتحقيق الحياد الكربوني رغم العوائق الاقتصادية
جهود صينية للتحول للطاقة النظيفة

قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن هناك حالة من الانقسام بين الخبراء بشأن ما إذا كانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين ستبلغ ذروتها بحلول عام 2025، على الرغم من وجود تفاؤل حذر بشأن تقدم بكين في مجال حماية البيئة.

وبحسب الصحيفة البريطانية، أظهرت دراسة شملت 33 خبيرًا محليًا و11 دوليًا أن 44% من هؤلاء الخبراء توقعوا أن انبعاثات الصين، أكبر ملوث في العالم، قد بلغت ذروتها بالفعل أو ستبلغها بحلول عام 2025، مؤكدين أن هذه النسبة تمثل ضعف النسبة التي تم رصدها في عام 2023، والتي كانت 21%، كما أنها ارتفعت مقارنة بـ15% فقط في عام 2022.

وأوضح التقرير الصادر عن "مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف" (Crea) مدى تفوق نمو الصين في مجال الطاقة الخضراء والسيارات الكهربائية هذا العام على التوقعات، فبعد النمو الكبير في 2023، سجلت الصين ارتفاعًا ملحوظًا في مبيعات السيارات الكهربائية، حيث شكلت السيارات الكهربائية أكثر من نصف السيارات المباعة في ثلاثة أشهر متتالية في عام 2024، وفي المقابل، شهد قطاع البناء الملوث بشدة تراجعًا ملحوظًا.

وأشار التقرير إلى أن الانخفاض الطفيف في الانبعاثات منذ فبراير 2024 كان يعتمد جزئيًا على استعادة توليد الطاقة الكهرومائية بعد موجات الجفاف التي تعرضت لها البلاد، ما أسهم في "استقرار" الانبعاثات، لكن دون حدوث تراجع هيكلي طويل الأمد.

تأثير السياسات الأمريكية

يأتي تركيز الصين على تقليص انبعاثات الكربون في سياق رئاسة دونالد ترامب الثانية، حيث كان ترامب قد وصف الاحترار العالمي بأنه "خدعة"، وقال فريق حملته إنه سيعود لسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس لعام 2015 كما فعل في عام 2017.

في قمة الأمم المتحدة للمناخ في باكو، التي اختتمت الأسبوع الماضي، قاد الوفد الصيني المبعوث الخاص للمناخ، ليو تشينمين، وسعت دول أخرى إلى دعم الصين في مجال العمل المناخي في غياب أي تقدم متوقع في ظل إدارة ترامب.

في هذا السياق، لقي ليو تصفيقًا حارًا في حدث جانبي خلال مؤتمر "كوب29"، حيث تم الاحتفال باتفاقية تتبع الميثان التي تم التوصل إليها خلال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

التحديات التي تواجه الصين

رغم الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الصين، قال لوري ميليفيرتا، المحلل الرئيسي في "مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف" (Crea)، إن هناك حاجة لمزيد من الوضوح بشأن مسار انبعاثات الصين واقتصادها.

وأشار إلى إمكانية زيادة الانبعاثات حتى عام 2030 مع تسارع نمو الاقتصاد، مع حدوث تراجع بطيء في الانبعاثات بعد ذلك.

وأضاف ميليفيرتا أن هذا السيناريو سيجعل من الصعب للغاية تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بالمناخ، مشيرًا إلى أن الصين ستحتاج إلى تسريع نشر الطاقة المتجددة بشكل أكبر أو توجيه النمو الاقتصادي نحو اتجاه أقل كثافة في الكربون.

أهداف الصين المزدوجة

في عام 2020، حدد الرئيس الصيني شي جين بينغ هدفين مزدوجين: الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني أو الصفر الصافي بحلول عام 2060.

ووفقًا لاتفاقية باريس، من المتوقع أن تقدم الصين مسارًا جديدًا لانبعاثاتها بين عامي 2030 و2035 بحلول فبراير 2024، جنبًا إلى جنب مع باقي الدول الموقعة على الاتفاقية.

يعتبر هذا المسار الجديد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لخبراء تغير المناخ لتقييم مدى طموح الصين بعد تحقيق الهدف الأول للحد من الانبعاثات.

هدف خفض كثافة الكربون

في حين من المتوقع أن تبقى انبعاثات الصين لعام 2024 ثابتة أو تزيد قليلاً، أشار تقرير "مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف" إلى أن الصين ستفشل في تحقيق هدفها الخاص بخفض كثافة الكربون بنسبة 18% من 2020 إلى 2025.

كانت بكين قد تعهدت بخفض كثافة الكربون -وهي مقياس للكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي- بنسبة تزيد على 65% مقارنة بمستويات 2005 بحلول عام 2030، لكن هذا الهدف أصبح أكثر صعوبة في ظل تزايد نمو الصناعات التكنولوجية العالية، والتي أصبحت أكثر فاعلية في تحفيز النمو الاقتصادي مقارنة بالاستهلاك المنزلي والخدمات التي تعتبر أقل استهلاكًا للطاقة.

التحديات الاقتصادية

قال ميليفيرتا إنه حتى إذا كانت انبعاثات الصين ثابتة هذا العام مع تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5%، وهو الهدف الذي وضعته بكين، فإن الصين ستحتاج إلى خفض غير مسبوق بنسبة 9.7% في الانبعاثات بحلول عام 2025 لتحقيق هدفها المتمثل في خفض كثافة الكربون.

وأضاف أنه من الأهمية بمكان أن تلتزم الصين بشكل حازم بالعودة إلى المسار الصحيح لتحقيق هدف كثافة الكربون لعام 2030.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية